قراءة لهذا الموضوع

الرقمالبيتالشرح
958وَعَاقِبَةُ الثَّانِي (سَمَا) وَبِنُونِهِ نُذِيقُ (زَ)كَا لِلْعَالَمِينَ اكْسِرُوا (عُـ)ـلاَيريد-ثم كان عاقبة الذين أساءوا-هذا هو الثاني المختلف في رفعه ونصبه ، والأول لا خلاف في رفعه وهو كيف كان عاقبة الذين من قبلهم-فوصف عاقبة وهو مؤنث بالثاني على تأويل وهذا اللفظ الثاني وإنما لم ينونه لأنه حكى لفظه في القرآن وهو غير منون لأنه مضاف إلى الذين واعتذر الشيخ عن كونه لم ينونه بأنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين أو أراد-وعاقبة-الموضع الثاني ولا حاجة إلى هذا الاعتذار فالكلمة نفي القرآن لا تنوين فيها وقد قال بعد هذا يذيق ذكا بالنصب فأي عذر لنصبه لولا أنه حكى لفظه في القرآن وهو لنذيقهم بعض الذي عملوا وهو ملبس بقوله تعالى-وليذيقكم من رحمته-ولم يقيد القراءة في عاقبة وكان ذلك إشارة إلى رفعها لمدلول سما والباقون بنصبها فهي إن رفعت اسم كان وإن نصبت خبرها والسوأى بعد ذلك هو الخبر أو الاسم وهو كناية عن العذاب وهو تأنيث الأسوأ وإن كذبوا على تقدير لأن كذبوا ويجوز أن يكون السوأى مصدر كالرجعى والبشرى أي أساءوا الإساءة الشنيعة وهي الكفر أو نعتا لموصوف محذوف أي أساء والخلال السوأى والخبر أو الاسم قوله-أن كذبوا-ومعنى الذين أساءوا أي أشركوا والتقدير-ثم كان عاقبة المسيء التكذيب بآيات الله تعالى أي لم يظفر في كفره وشركه بشيء إلا بالتكذيب بآيات الله ويجوز أن يكون السوأى هو الخبر أو الاسم لا على المعنى المتقدم بل على تقدير الفعلة السوأى ثم بينها بقوله-أن كذبوا-فيكون-أن كذبوا عطف بيان أو بدلا ويجوز على هذا التقدير على قراءة الرفع أن لا يكون للسوأى خبرا بل معنى أساءوا السوأى أي فعلوا الخطيئة السوأى وخبر كان محذوف إرادة الإبهام ليذهب الوهم إلى كل مكروه كل هذه الأوجه منقولة وهي حسنة وقيل يجوز أن تكون إن في قوله-أن كذبوا-مفسرة بمعنى أي كذبوا ، وهذا فيه نظر فإن من شرط أن المفسرة أن يأتي بعدها فعل في معنى القول ثم قال ، وبنونه نذيق أي ونذيق زكا وهي نون العظمة وقراءة الباقين بالياء أي ليذيقهم الله وكسر حفص اللام من قوله-إن في ذلك لآيات للعالمين-جعله جمع عالم واحد العلماء وكما قال تعالى في آية أخرى (وما يعقلها إلا العالمون) ، وفي موضع آخر (إن في ذلك لآيات لقوم يعلمون) ، وفتح الباقون اللام جعلوها جمع عالم أي لكافة الناس وعلا حال أي ذو علا
959لِيَرْبُوا خِطَابٌ ضُمَّ وَالْوَاوُ سَاكِنٌ (أَ)تَى وَاجْمَعُوا آثَارِ(كُمْ) (شَـ)ـرَفاً (عَـ)ـلاَأي ذو خطاب مضموم يعني تاء مضمومة ، وقال الشيخ يجوز أن يكون ضم أمرا ، قلت خطاب على هذا التقدير يكون حالا أي ضم لتربوا ذا خطاب فكان الواجب نصبه أي-وما أتيتم من ربا لتربوا-أنتم سكنت الواو لأنها واو الضمير في تربون وحذفت النون للنصب وهذه-قراءة نافع وحده وقراءة الباقين على الغيب بياء مفتوحة وواو منصوبة لأنه فعل مضارع خال من ضمير بارز مرفوع فظهر النصب في آخره والتقدير ليربوا ذلك الربا ، وأما-فانظر إلى آثار رحمة الله-فالإفراد فيه والجمع سبق لهما نظائر مثل-رسالته ورسالاته وكلمة وكلمات وذرية وذريات-الإفراد يراد به الجنس ووجه الجمع ظاهر ومعنى كم شرفا علا كم علا شرفا والمميز محذوف أي كم مرة وقع ذلك والله أعلم
960وَيَنْفَعُ كُوفِيٌّ وَفِي الطُّولِ (حِصْنُهُ) وَرَحْمَةً ارْفَعْ (فَـ)ـائِزاً وَمُحَصِّلاَيريد-فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم-وفي غافر (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم) ، تذكير الفعل في ذلك وتأنيثه ظاهران من قبل أن لفظ معذرة مؤنث ولكنه تأنيث غير حقيقي ونافع أنث هنا وذكر في سورة الطور جمعا بين اللغتين وأما-ورحمة-في أول لقمان فهي معطوفة على هدى وهدى في موضع نصب على الحال أو المدح أو في موضع رفع على تقدير هو هدى ورحمة أو خبر بعد خبر أي تلك هدى ورحمة أو يكون هدى منصوبا ورحمة مرفوعا أي وهو رحمة والله أعلم
961وَيَتَّخِذَ المَرْفُوعُ غَيْرُ (صِحَابِهِـ)ـمْ تُصَعِّرْ بِمدٍّ خَفَّ (إِ)ذْ (شَـ)ـرْعُهُ (حَـ)ـلاَيريد-ويتخذها هزوا-النصب عطف على ليضل والرفع على يشتري أو على الاستئناف والهاء في يتخذها لآيات الكتاب أو للسبيل وتقدير البيت قراءة غير صحابهم على حذف مضاف وصاعر خده وصعره واحد كضاعف وضعف ومعناهما الإعراض عن الناس تكبرا والصعر الميل في الخد خاصة وقوله خف ليس صفة للمد ولكنه خبر بعد خبر لأن الخف في العين أي تصاعر ممدود خفيف
962وَفِي نِعْمَةٍ حَرِّكْ وَذُكِّرَ هَاؤُهَا وَضُمَّ وَلاَ تَنْوِينَ (عَـ)ـنْ (حُـ)سْنٍ (ا)عْتَلاَيريد-وأسبغ عليكم نعمه-حرك أي افتح العين وذكر هاؤها أي جعلت هاء الضمير التي للمذكر المفرد في مثل (أكرمه ونعمه) ، وليست هاء تأنيث ثم قال وضم أي وضم ذلك الهاء ولا تنوين لتأخذ بضد ذلك للقراءة الأخرى وهي التي لفظ بها فحاصل الخلاف أن هذا الحرف يقرأ بالإفراد والجمع كنظائر له سلفت وقوله-ظاهرة وباطنة-صفة لنعمة في قراءة الإفراد وحال في قراءة الجمع وقد قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ، لم يختلف في افراده
963سِوَى ابْنِ الْعَلاَ وَالْبَحْرُ أُخْفِى سُكُونُهُ (فَـ)ـشاَ خَلْقَهُ التَّحْرِيكُ (حِصْنٌ) تَطَوَّلاَوالبحر مبتدأ خبره سوى ابن العلا على تقدير قراءة غير أبي عمرو فأبو عمرو وحده نصبه عطفا على اسم أن أي ولو أن البحر يمده والرفع على وجهين منقولين ذكرهما الزجاج والزمخشري وغيرهما ، أحدهما أنه مبتدأ ويمده الخبر والجملة في موضع الحال ، والثاني أن يكون عطفا على موضع إن واسمها وخبرها لأن الجميع في موضع رفع لأنه فاعل فعل مضمر أي ولو وقع ذلك والبحر ممدودا بسبعة أبحر فيمده على هذا الوجه حال من البحر وهذا العطف جائز بلا خلاف وإنما الممتنع العطف محل على اسم أن المفتوحة فقط دون محل المجموع منها ومن اسمها وخبرها وإنما يجوز العطف بالرفع على محل الاسم فقط مع إن المكسورة والفرق أن اسم المفتوحة بعض كلمة في التقدير بخلاف اسم المكسورة فمهما وقعت المفتوحة في موضع رفع جاز العطف بالرفع على محل المجموع منها ومن اسمها وخبرها كما أن العطف على محل المكسورة إنما كان من أجل ذلك وعليه يحمل قوله تعالى (إن الله برئ من المشركين ورسوله) ، لأن أن وما بعدها مبتدأ ورسوله عطف عليه-وأذان من الله-خبر مقدم عليه وقد سبق تقرير هذا الفصل في سورة المائدة ولذلك قال أبو عبيد الرفع هنا حجة لمن قرأ التي في المائدة العين بالعين رفعا فكذلك كان يلزم أهل هذه القراءة أن يرفعوا تلك وأما فلا تعلم نفس ما أخفي بفتح الياء فعلى أنه فعل ماض وبسكونها هو فعل مضارع مسند إلى المتكلم سبحانه وأما-أحسن كل شيء خلقه-بفتح اللام فعل أن يكون جملة واقعة صفة لشيء قبله فيكون في موضع خبر ويجوز أن يكون صفة لقوله- كل شيء-فتكون في موضع نصب وإذا سكنت اللام بقي لفظه مصدرا ونصبه على البدل من كل شيء أو هو منصوب على أنه مصدر دل عليه ما تقدم من قوله- أحسن كل شيء-فكأنه قال خلق كل شيء فهو من باب اقتران المصدر بغير فعله اللفظي ولكن بما هو في معناه والهاء في خلقه على هذا تعود إلى الله تعالى
964لَما صَبَرُوا فَاكْسِرْ وَخَفِّفْ (شَـ)ـذاً وَقُلْ بِماَ يَعْمَلُونَ اثْناَنِ عَنْ وَلَدِ الْعَلاَأي اكسر اللام وخفف الميم فالمعنى لصبرهم كما قال في الأعراف (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) ، أي بصبرهم والقراءة الأخرى لما بفتح اللام وتشديد الميم أي حين صبروا وقوله شذا أي ذا شذاء وقرأ أبو عمرو (بما يعملون خبيرا) ، في أول الأحزاب وبعده (بما تعملون بصيرا إذ جاءوكم) ، بالغيب فيهما والباقون بالخطاب ووجههما ظاهر فهذا معنى قوله بما يعملون اثنان وفي سورة الفتح أيضا اثنان (بما تعملون خبيرا بل ظننتم) (بما تعملون بصيرا هم الذين كفروا) ، والخلاف في الثاني كما يأتي في موضعه والأول بتاء الخطاب أجماعا والله أعلم
965وَبِالْهَمْزِ كُلُّ الَّلاءِ وَالْياَءِ بَعْدَهُ (ذَ)كَا وَبِياَءٍ سَاكِنٍ (حَـ)ـجَّ (هُـ)ـمَّلاَأي حيث جاء هنا-وما جعل أزواجكم اللاء وفي المجادلة (إلا اللاء ولدنهم) ، وفي الطلاق (واللاء يئسن)-(واللاء لم يحضن) ، قرأ الجميع الكوفيون وابن عامر بهمزة بعدها ياء ساكنة اللاءى على وزن القاضي والداعي فهذا هو أصل الكلمة أي كل اللاء بالهمز والياء بعده ويجوز والياء بالرفع على الابتداء ثم ذكر أن أبا عمرو والبزي قرأ بياء ساكنة من غير همز فكأنهما حذفا الهمز وبقيت الياء الساكنة إلا أنهم لا يوجهون هذه القراءة بهذا إنما يقولون حذفت الياء لتطرفها كما تحذف من القاضي ونحوه ثم أبدل من الهمزة ياء ساكنة وهذه القراءة على هذا الوجه ضعيفة لأن فيها جمعا بين ساكنين فالكلام فيها كما سبق في-محياي-في قراءة من سكن ياء وشبهه جوز ذلك ما في الألف من المد ولكن شرط جواز مثل هذا عند أئمة اللغة المعتبرين أن يكون الساكن الثاني مدغما ولا يرد على هذا ص ن ق لأن أسماء حروف التهجي موضوعة على الوقف والوقف يحتمل اجتماع الساكنين فإن وقف على-محياي-أو اللائي-فهو مثله وإنما الكلام في الوصل وأما إجازة بعضهم اضربان واضربنان بإسكان النون والتقت حلقتا البطنان بإثبات الألف فشاذ ضعيف عندهم والله أعلم ، وقوله حج هملا أي غلبهم في الحجة وقد تقدم شرح هملا في باب ياءات الإضافة في قوله إلا مواضع هملا وهو جمع هامل والهامل البعير المتروك بلا راع أي غلب في الحجة قوما غير محتفل بهم يشير إلى تقوية الإسكان وأنه له ضعف
966وَكَالْيَاءِ مَكْسُوراً لِوَرْشٍ وَعَنْهُمَا وَقِفْ مُسْكِناً وَالْهَمْزُ (زَ)اكِيهِ (بُـ)ـجِّلاَأي وسهل ورش الهمزة بين بين وهو المراد بقوله كالياء مكسورا لأنها صارت بين الهمزة والياء المكسورة وهذا قياس تخفيفها لأنها همزة مكسورة بعد ألف وهذه القراء مروية عنهما أي عن أبي عمرو والبزي وهو وجه قوى لا كلام فيه ذكره جماعة من الأئمة المصنفين كصاحب الروضة قال قرأ أبو عمرو وورش والبزي وذكر غيرهم بتليين الهمزة من غير ياء بعدها وهو ظاهر كلام ابن مجاهد فإنه قال قرأ ابن كثير ونافع-اللاء-ليس بعد الهمزة ياء وقرأ أبو عمرو شبيها بذلك غير أنه لا يهمز وكذا قال أبو عبيد قرأ نافع وأبو عمرو-اللاء-مخفوضة غير مهموزة ولا ممدودة ونص مكي على الإسكان ولم يذكر صاحب التيسير غيره لهما وقال في غيره قرأت على فارس ابن أحمد بكسر الياء كسرة مختلسة من غير سكون وبذلك كان يأخذ أبو الحسين بن المنادي وغيره وهو قياس تسهيل الهمز قال الشيخ وقد قيل إن الفراء عبروا عن التليين لهؤلاء بالإسكان ، قالوا وإظهار أبي عمرو في-اللاء يئسن-مما يدل على أنه تليين وليس بإسكان ، قلت قد سبق في باب الإدغام الكبير تقرير هذا وذكر أبو علي الأهوازي الوجهين عنهما ، قوله وقف مسكنا أي مسكنا للياء لهؤلاء لأن الوقف يحتمل اجتماع الساكنين ، قال في التيسير وإذا وقف يعني ورشا صيرها ياء ساكنة قال وحمزة إذا وقف جعل الهمزة بين بين على أصله ومن همز منهم ومن لم يهمز أشبع التمكين للألف في الحالين إلا ورشا فإن المد والقصر جائزان في مذهبه لما ذكرناه في باب الهمزتين ، قلت هو ما نظمه الشاطبي رحمه الله بقوله ، (وإن حرف مد قبل همز مغير...."البيت" ، ثم ذكر أن قنبلا وقالون قرأ بالهمز من غير ياء بعده فإذا وقفا أسكنا الهمز وفي قراءة أبي عمرو والبزي من المد والقصر مثل ما في قراءة ورش والله أعلم
967وَتَظَّاهَرُونَ اضْمُمْهُ وَاكْسِرْ لِعاَصِمٍ وَفِي الْهَاءِ خَفِّفْ وَامْدُدِ الظَّاءَ (ذُ)بَّلاَأي اضمم التاء واكسر الهاء لعاصم وهو داخل أيضا في رمز من خفف الهاء ومد الظاء وخففها كما في البيت الآتي فقراءة عاصم تظاهرون مضارع ظاهر مثل قاتل وقرأ ابن عامر تظاهرون على اللفظ الذي في بيت الناظم وهو مضارع تظاهر مثل تقاتل والأصل تتظاهرون فأدغم التاء في الظاء وقرأ حمزة والكسائي مثله إلا أنهما خففا الظاء لأنهما حذفا الياء التي أدغمها ابن عامر وقرأ الباقون-تظهرون-بتشديد الظاء والهاء من تظهر مثل تكلم وأدغموا التاء في الظاء
968وَخَفَّفَهُ (ثَـ)ـبْتٌ وَفِي قَدْ سَمِعْ كَمَا هُنَا وَهُناَكَ الظَّاءُ خُفِّفَ (نَـ)ـوْفَلاَأي خفف الظاء قاريء ثبت وهم الكوفيون وفي قد سمع الله موضعان حكمهما ما ذكر هنا إلا أن الظاء تم لم يخففه إلا عاصم وحده لأنه يقرأ يظاهرون من ظاهر ولم يخفف الظاء حمزة والكسائي لأنه لم يجتمع تاآن فتحذف الثانية منهما لأن موضعي سورة قد سمع فعلهما للغيبة لا للخطاب الذين يظهرون منكم والذي يظاهرون من نسائهم ولكن أدغما التاء في الظاء كما يقرأ ابن عامر والنوفل السيد المعطاء ونصبه على الحال أي ذا نوفل أي قاريء سيد
969وَ(حَقُّ صِحَابٍ) قَصْرُ وَصْلِ الظَّنُونِ وَالرَسُولَ السَّبِيَلا وَهْوَ فِي الْوقَفْ (فِـ)ـي (حُـ)ـلاَأي قصروا هذه الكلمات الثلاث في الوصل وهي-وتظنون بالله الظنونا-يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا-وبعده-فأضرنا السبيلا-رسمت هذه الثلاثة بالألف هنا ولم ترسم في قوله-وهو يهدي السبيل -وإثبات الألف في تلك المواضع لتشاكل الفواصل وهو مطلوب مراعا في أكثر القرآن وقد يندر في بعض الصور مالا يشاكل ومنه (أن لن يحور) ، في سورة الاشتقاق فإنه بغير ألف بعد الراء-(وكل يوم هو في شأن) بالهمز وكذا-(بالخاطئة) في الحاقة وخاطئة في اقرأ كلتاهما مهموز ، وأنا أختار ترك الهمز في هذه الثلاثة على قراءة حمزة في الوقف لتشاكل الفواصل ثم قال وهو في الوقف أي والقصر في الوقف لحمزة وأبي عمرو فهما يقصران وقفا ووصلا على الأصل ومد نافع وابن عامر وشعبة في الحالين تبعا لخط المصحف وابن كثير والكسائي وحفص جمعوا بين الخط والأصل في الحالين فمدوا في الوقف لأنه يحتمل ذلك كما في القوافي كقوله ، (وولى اللامة الرجلا ) ، وقصروا في الوصل ونحوا بذلك منحى هاء السكت وهذه القراءة هي المختارة ، قال أبو عبيد والذي أحب فيه هذه الحروف أن يتعمد الوقف عليهن تعمدا وذلك لأن في إسقاط الألفات منهن مفارقة الخط وقد رأيتهن في الذي يقال لـ الإمام مصحف عثمان مثبتات كلهن ثم أجمعت عليها مصاحف الأمصار فلا نعلها اختلفت فكيف يمكن التقدم على حذفها وأكره أيضا أن أثبتهن مع إدماج القراءة لأنه خروج من العربية لم نجد هذا عندهم جائزا في اضطرار ولا غيره فإذا صرت إلى الوقف عليها فأثبت الألفات كنت متبعا للكتاب ويكون مع هنا فيها موافقة لبعض مذاهب العرب وذلك أنهم يثبتون مثل هذه الألفات في قوافي أشعارهم ومصاريعها لأنها مواضع قطع وسكت فأما في حشو لأبيات فمعدوم غير موجود على حال من الحالات وقال الزجاج الذي عليه حذاق النحويين والمتبعون السنة من حذاقهم أن يقرءوا-الظنونا-ويقفوا على الألف ولا يصلوا وإنما فعلوا ذلك لأن أواخر الآيات عندهم فواصل يثبتون في آخرها في الوقف ما يحذف مثله في الوصل فهؤلاء لا يتبعون المصحف ويكرهون أن يصلوا فيثبتوا الألف لأن الآخر لم يقفوا عليه فيجروه مجرى الفواصل ومثل هذا في كلام العرب في القوافي نحو قوله ، (أقلى لوم عاذل والعتابا وقولي إن أصبت لقد أصابن) ، فأثبت الألف لأنها في موضع فاصلة وهي القافثة وأنشد أبو عمرو الداني في كتاب الإيجاز ، (إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونا) ، ومن ذلك قول الأعشى ، (استأثر الله بالوفاء وبالعدل وولى الملامة الرجلا) ، وقال أبو علي وجه من أثبت في الوصل أنها في المصحف كذلك وهي رأس آية ورءس الآى تشبه بالقوافي من حيث كانت مقاطع كما كانت القوافي مقاطع فكما شبه-أكرمن وأهانن-بالقوافي في حذف الياء منهن نحو ، (من حذر الموت أن يأتين وإذا ما انتسبت له أتكون) ، كذلك يشبه هذا في إثبات الألف بالقوافي وأما في الوصل فلا ينون ويحمل على لغة من لا ينون ذلك إذا وصل في الشعر لأن من لا ينون أكثر قال أبو الحسن وهي لغة أهل الحجاز فأما من طرح الألف في الوصل فإنهم ذهبوا إلى أن ذلك في القوافي وليس رءوس الآي بقواف فيحذف في الوصل كما يحذف غيرها فما يثبت في الوقف نحو التشديد الذي يلحق الحرف الموقوف عليه قال وهذا إذا أثبت في الخط فينبغي أن لا تحذف هاء الوقف من-حسابيه-وكتابيه-وأن يجري مجرى الموقوف عليه فهو وجه ، وإذا ثبت ذلك في القوافي في الوصل فشأنه في الفواصل حسن ، قال غيره وأما من قرأ بغير ألف فهو الأصل المشتهر في كلامهم تقول رأيت الرجل بإسكان اللام ومن العرب من يجري القوافي في الإنشاد مجرى الكلام الموزون فيقول ، (أقلى اللوم عاذل والعتاب ) ، (واسئل بمصقله البكري ما فعل ) ، فإذا كانوا يجرون القوافي مجرى الكلام غير الموزون فلأن يتركوا الكلام غير الموزون على حالته ولم يشبهوه بالموزون أولى والله أعلم
970مَقَامَ لِحَفْصٍ ضُمَّ وَالثانِ (عَمَّ) فِي الدْ دُخَانِ وَآتَوْهَا عَلَى الْمَدِّ (ذُ)و (حُـ)ـلاَ-يريد-لا مقام لكم فارجعو-والثاني في الدخان (إن المتقين في مقام أمين) ، والأول فيها لا خلاف في فتحه وهو (وزروع ومقام كريم) ، كما أجمعوا على فتح مقام إبراهيم وقد سبق في مريم الكلام على القراءتين وإن المفتوح موضع القيام والمضموم بمعنى الإقامة وأراد ضم الميم الأولى ولا جائز أن تحمل على الميم الثانية لوجهين ، أحدهما أن ذلك في الميم الثانية لو كان لعبر عنه بالرفع لا بالضم لأنها حركة إعراب ، والثاني لو أريد ذلك لذكر معه التنوين لأنه من باب وبالرفع نونه-فلا رفث-ولا بيع-نونه-ولا خلة-ولا شفاعة-وارفعهن ، وأما لآتوها-بالمد فإنه بمعنى أعطوها أي أجابوا إلى ما سئلوه وأتوها بالقصر بمني فعلوها وجاءوها يقال اثبت الخبر إذا فعلته والمعنى ثم سئلوا فعل الفتنة لفعلوها واختار أبو عبيد قراءة المد وقال قد جاءت الآثار في الذين كانوا يفتنون بالتعذيب في الله أنهم أعطوا ما سألهم المشركون غير بلال وليس في شيء من الحديث أنهم جاءوا ما سألهم المشركون ففي هذا اعتبار للمد في قوله-لآتوها-بمعنى أعطوها ، قال أبو علي ومما يحسن المد قوله-سئلوا-والإعطاء مع السؤال حسن والمعنى لو قيل لهم كونوا على المسلمين مع المشركين لفعلوا ذلك وحلا في آخر البيت مصدر
971وَفِي الْكُلِّ ضَمُّ الْكَسْرِ فِي أُسْوَةٍ (نَـ)ـدىً وَقَصْرُ (كِـ)ـفاً (حَـ)ـقٍّ يُضَاعَفْ مُثَقَّلاَالضم والكسر في أسوة لغتان ومثله قدوة وعدوة بضم القاف والعين وكسرهما وقوله في الكل يعني هنا وفي الممتحنة موضعان ويجوز ضم الكسر على الأمر وضم الكسر على الابتدا ويضاعف مبتدأ وقصر كفاحق خبره ومثقلا حال منه أي يضعف لها العذاب بالقصر مع تشديد العين وقد تقدم في سورة البقرة أن ضاعف وضعف لغتان فابن كثير وابن عامر قرأ من لغة ضعف هناك وهنا وأبو عمرو شدد هنا دون ثم والباقون قروا من لغة ضاعف في الموضعين والله أعلم ، قال أبو عبيد كان أبو عمرو يقرأ هذه وحدها يضعف مشددة بغير ألف لقوله- ضعفين-وقال ما كان أضعافا كثيرة فإنه يضاعف وما كان ضعفين فإنه يضعف ، قال أبو عبيد لا نعلم بين ما فرق أبو عمرو فرقا فرقا
972وَبِالْيَا وَفَتْحِ الْعَيْنِ رَفْعُ الْعَذَابِ (حِصْنُ) حُسْنٍ وَتَعْمَلْ نُؤْتِ بِالْيَاءِ (شَـ)ـمْلَلاَالواو في وبالياء فاصلة لأن هذه مسئلة غير المتقدمة وإن كان الجميع متعلقا بكلام واحد فالذي تقدم بيان الخلاف في القصر والتشديد وهذا بيان قراءة من يقرأ بالياء وفتح العين ورفع العذاب وضدها وهي القراءة بالنون وكسر العين ونصب العذاب ، فكأنه قال ويضاعف بالياء وفتح العين على ما لم يسم فاعله ورفع العذاب لأنه مفعول ما لم يسم فاعله ، فأسقط حرف العطف من "ورفع العذاب" ضرورة للعلم به وقوله حصن حسن أي رمز ذلك وهو خبر المبتدأ المقدر ، وهو يضاعف وما عطف عليه وهو رفع العذاب أي المجموع حصن حسن فاجتمع أبو عمرو مع حصن في الياء وفتح العين وخالفهم في المد فقرءوا-يضاعف-وقرأ هو وحده يضعف وكلا الفعلين لما لم يسم فاعله فاتفق معهم على رفع العذاب فبقي ابن كثير وابن عامر على النون وكسر العين على بناء الفعل للفاعل فلزم نصب العذاب لأنه مفعوله والنون للعظمة هما من أهل القصر والتشديد فقرأا-نضعف لها العذاب-والقراءات ههنا ثلاث ، ووجوهها ظاهرة إنما كان مشكلا استخراجها من هذا النظم وقد سهله الله تعالى فاتضح ولله الحمد ، قوله ويعمل يؤت أراد-ويعمل صالحا نؤتها-قرأهما حمزة والكسائي بالياء أما الياء في يعمل- فعطف على يقنت-وأجمعوا في يقنت على لفظ التذكير ردا على لفظ من فكذا ما عطف عليه وهو-يعمل-وقرأ الباقون بالتاء على التأنيث ردا على معنى من لأنها عبارة عن النساء ولهذا رجعت الضمائر بلفظ التأنيث في نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها-وأما الياء في يؤتها فلله تعالى وقرأ الباقون بالنون للعظمة فقول الناظم بالياء تقييد لقوله يؤت ليكون النون للباقين لأنها أخت الياء في اصطلاحه ولا تكون تقييد ليعمل أيضا وإن كان صحيحا من حيث المعنى واللفظ فإنها بالياء أيضا ولكن امتنع ذلك خوفا من اختلال القراءة الأخرى فإنها ليست بالنون فلا يكون هذا إلى من باب التذكير والتأنيث فيكون قوله ويعطل مطلقا من غير تقييد ليدل إطلاقه له على أنه أراد به التذكير فيأخذ للباقين ضده وهو التأنيث وشمللا خبر عن يعمل ويؤت على حذف حرف العطف
973وَقَرْنَ افْتَحْ (ا)ذْ نَصُّوا يَكُونَ (لَـ)ـهُ (ثَـ)ـوى يَحِلُّ سِوَى الْبَصْرِي وَخَاتِمَ وُكَّلاَيريد افتح القاف من-وقرن في بيوتكن-والباقون بكسرها وكلاهما فعل أمر لجماعة النساء فالمفتوح من قررت بالمكان أقر بكسر الراء في الماضي وفتحها في المضارع في قول من أجاز ذلك ونظيره عض من عضضت وقيل من قار يقار إذا اجتمع فيكون مثل خفن الله أي اجتمعن في بيوتكن والمكسور من قررت بالمكان أقر بفتح الراء في الماضي وكسرها في المضارع وهي اللغة المعروفة في قررت بالمكان فيكون مثل جدن في الأمر من جددت فيه أو من وقر يقر فيكون مثل عدن من وعد فإن أخذنا ذلك من قررت بفتح فاء وكسرها فتكون عين الفعل حذفت لأنه ألقيت حركتها على الفاء فحذفت لالتقاء الساكنين هي ولام الفعل وحذفت همزة الوصل استغناء عنها بتحريك الفاء والأصل أقررن بفتح الراء الأولى وكسرها وإن قلنا إن قرن بالكسر من وقر يقر فالمحذوف فاء الفعل وهي الواو وإن قلنا إن قرن بالفتح من قار يقار فالمحذوف عين الفعل وهي واو أيضا وهذا الوجه حكاه الزمخشري عن أبي الفتح الهمداني ، وقال أبو علي الوجه في-وقرن-بالكسر لأنه يجوز من وجهين لا إشكال في جوازه منهما وهما من القرار والوقار وفتح القاف على ما ذكرت من الخلاف زعم أبو عثمان أن قررت في المكان لا يجوز وقد حكى ذلك بعض البغداديين فيجوز الفتح في القاف على هذه اللغة إذا ثبتت وقال أبو عبيد والقراءة التي نختارها بكسر القاف فيكون مأخوذا من الوقار فأما الفتح فإن أشياخنا من أهل العربية كانوا ينكرونه ويقولون إن كان من الوقار فهو بالكسر على قراءتنا وإن كان من القرار فينبغي أن يكون من أقررنا أو أقررنا قال وقد وجدناها تخرج في العربية من وجه فيه بعد وهو شبيه بقوله (فظلتم تفكهون) ، وأصلها من المضاعف ظللت قال مكي وقيل إن هذه القراءة مشتقة من قررت به عينا أقر قال وليس المعنى على هذا لم يؤمرن أن تقر أعينهن في بيوتهن إنما أمرن بالقرار أو بالوقار في بيوتهن قال والاختيار كسر القاف لأن عليه المعنى الصحيح ، وأما-أن يكون لهم الخيرة-ولا يحل لك النساء-فالتذكير فيهما والتأنيث ظاهران وأبو عبيد يختار التذكير في هذا ونحوه والثرى بالقصر التراب الندي وبالمد المال الكثير فيجوز أن يكون قصره ضرورة وقد تقدم أن الناظم يستعير هذه الأشياء ونحوها كناية عن وضوح القراءة وكثرة الحجج لها وردا لكلام من تكلم فيها وأما وخاتم النبيين-فوجه الفتح فيه أن الذي يختم به يقال بفتح التاء وكسرها فكأنه صلى الله عليه وسلم جعل كخاتم لما ختم به الأنبياء قال أبو عبيد وبالكسر نقرأ لأن التأويل أنه صلى الله عليه وسلم ختمهم فهو خاتمهم وكذلك رويت الآثار عنه في صفة نفسه أنه قال أنا خاتم النبيين لم نسمع واحدا من فقهائنا يروي هذا الحرف في حديثه إلا بكسر التاء قال الزجاج من كسر فمعناه ختم النبيين ومن فتح فمعناه آخر النبيين لا نبي بعده والواو في قول الناظم وقرن وخاتم ليست فاصلة بل هي من نفس الكلمة في القرآن كالياء في يكون ويحل وأما الواو في-وكلا-فليست فاصلة أيضا ولا معنى لها هنا فلو أتى بكلمة أولها نون رمزا لقراء الفتح لكان أولى فيقول نولا أو نحو ذلك ويستغنى عن الرمز بعد قوله في البيت الآتي ويأتي بالواو الفاصلة ثم يقول وخاتم نزلا بفتح وقل ساداتنا اجمع إلى آخره ، فإن قلت لو قال كذلك لكان قد رمز قبل تقييد القراءة وهو قد قال ومن بعد ذكرى الحرف أسمى رجاله قلت الذي التزمه أن لا يتقدم الرمز على الحرف المختلف فيه أما تقدمه على التقييد فلا كقوله سما العلا شذا الجزم
974بِفَتْحٍ (نَـ)ـمَا سَادَاتِنَا اجْمَعْ بِكَسْرَةٍ (كَـ)ـفَى وَكَثِيراً نُقْطَةٌ تَحْتُ (نُـ)ـفِّلاَيريد-إنا أطعنا سادتنا-هو جمع سيد وسادات جمع هذا الجمع وكسر تائه علامة النصب لأنه جمع سلامة وفتح تاء سادة علامة نصبه لأنه جمع تكسير ومثله كتبة وفجرة وأما-والعنهم لعنا كبيرا-فقراءة عاصم وحده بالباء الموحدة والقراءتان وجههما كما سبق في البقرة في-إثم كبير-قال أبو علي الكير مثل العظم والكثرة أشبه بالمعنى لأنهم يلعنون مرة بعد مرة وقوله نفل معناه أعطى نقطة من تحته والتنفيل الإعطاء فقوله نقطة بالنصب ثاني مفعول نفلا وجعل النقطة نفلا لأنها دون الثلاث التي للثاء فتلك بمنزلة النفل في قسم الغنيمة لأنها دون سهم الغانم والله أعلم