ترجمة الإمام
قال الشاطبي :
وأمَّا دمشقُ الشامِ دارُ ابن عامرٍ
فتلك بعبدِ الله طابت مُحَلَلا
هشامٌ وعبدُ الله وهو انتسابه
لذكوانَ بالإسنادِ عنه تُنقَّلا
عبد الله بن عامر اليحصبي :
اسمه : عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر اليحصبي
، نسبه إلى يحصب بن دهمان .
كنيته : أبو عمران .
مولده : ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة وقيلَ سنة ثمان منها ، وهو من القراء
السبعة .
وفاته : توفي بدمشق سنة ثمان عشرة ومائة يوم عاشوراء .
من القراء السبعة وأعلاهم سندا .
كان إماماً تابعياً كبيراً جليلاً ، وعالماً شهيراً ، وهو إمام أهل الشام
في القراءة ، والذي إليه انتهت مشيخة الإقراء بها بعد وفاة أبي الدرداء
.
أمَّ المسلمين بالجامع الأموي سنين كثيرة في عهد عمر بن العزيز وقبله وبعده
، فكان عمر يأتم به وهو أمير المؤمنين وناهيك بذلك منقبة .
ولجلالته في العلم والإتقان جمع له الخليفة بين القضاء والإمامة ، ومشيخة
الإقراء بدمشق ، ودمشق إذ ذاك دار الخلافة ، ومحط رحال العلماء والتابعين
، فأجمع الناس على قراءته وعلى تلقيها بالقبول ، وهم الصدر الأول الذين
هم أفاضل المسلمين .
قرأ على أبي هاشم المغيرة بن أبي شهاب عبد الله بن عمرو بن المغيرة المخزومي
.
وقرأ على أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس كما قطع بع الحافظ أبو عمرو
الداني .
وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وقرأ أبو الدرداء وعثمان على رسول الله صلّى الله عليه وسلم .
وقد ثبت سماعه القرآن والحديث عن جماعة من الصحابة منهم : النعمان بن بشير
، ومعاوية بن أبي سفيان ، وفضاله بن عبيد رضي الله عنهم أجمعين .
روى القراءة عنه عرضاً يحيى بن الحارث الذمار ، وهو الذي خلفه في القيام
بها والإقراء لها وأخوه عبد الرحمن بن عامر ، وربيعة بن يزيد ، وجعفر بن
ربيعة ، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، وسعيد بن عبد العزيز ،
وخلاد بن يزيد بن صبيح المري ، ويزيد بن أبي مالك وغيرهم كثير .
أشهر من روى قراءته
وأشهر من روى قراءته هشام وابن ذكوان
هشام
اسمه : هشام بن عمار بن نصير بن ميسره السلمي الدمشقي .
كنيته : أبو الوليد .
مولده : ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة .
وفاته : توفي هشام سنة خمس وأربعين ومائتين ، وقيل سنة أربع وأربعين ،
وهو إمام أهل دمشق وخطيبهم ومقرئهم ومحدثهم ومفتيهم مع الثقة والضبط والعدالة
.
قال الدار قطني : صدوق كبير المحل ، وكان فصيحاً علاَّمة واسع الرواية
.
وقال عبدان الأهوازي سمعته يقول : ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة .
وقال أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني : لما توفي أيوب بن تميم كانت الإمامة
في القراءة إلى رجلين هشام وابن ذكوان .
وقال الأصبهاني : رزق هشام كبر السن وصحة العقل والرأي فارتحل الناس إليه
في القراءات والحديث .
روى عنه بعض أهل الحديث ببغداد أنه قال : سألت ربي عزَّ وجلَّ سبع حوائج
فقضى لي ستاً منها ، ولا أدري ما هو صانع في السابعة ، سألته أن يجعلني
مصدقاً على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ففعل .
وسألته أن يرزقني الحج ففعل .
وسألته أن يعمرني مائة سنة ففعل .
وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالاً ففعل .
وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل .
وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل .
وأما السابعة التي لا أدري ما هو صانع فيها ، فسألته أن يغفر لي ولوالدي
.
وروى عنه الحديث البخاري في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجة في سننهم
.
وحدث عنه الترمذي وجعفر الغرياني وأبو زرعة الدمشقي ، وقال يحيى بن معين
: ثقة .
قرأ عل عراك المرّيِّ وأيوب بن تميم وغيرهما عن يحيى الذمار عن عبد الله
بن عامر بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم .
وروى عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينة ومسلم بن خالد الزنجي وغيرهم .
وروى القراءة عنه أبو عبيد القاسم بن سلام ، وأحمد بن يزيد الحلواني ،
وموسى بن جمهور ، والعباس بن الفضل وابن النضر وهارون الأخفش .
ابن ذكوان
اسمه : عبد الله بن أحمد بن بشر بن ذكوان بن عمرو .
كنيته : أبو محمد وقيل أبو عمرو الدمشقي .
مولده : ولد يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين ومائة .
وفاته : توفي يوم الإثنين لليلتين بقيتا من شوال سنة اثنين وأربعين ومائتين
رحمه الله .
وهو إمام شهير ثقة شيخ الإقراء بالشام وإمام لجامع دمشق ، انتهت إليه مشيخة
الإقراء بدمشق بعد هشام .
قال أبو زرعة الدمشقي : لم يكن بالعراق ولا بالشام ولا الحجاز ولا بمصر
ولا بخراسان في زمن ابن ذكوان أقرأ عندي منه .
وألف كتاب « أقسام القرآن وجوابها » وكتاب « ما يجب على قارئ القرآن عند
حركة لسانه » .
أخذ القراءة عرضاً على أيوب بن تميم ، قال أبو عمرو وقرأ على الكسائي حين
قدم الشام .
يقول ابن ذكوان : أقمت عند الكسائي سبعة أشهر وقرأت عليه القرآن غير مرة
.
روى عنه القراءة ابن أحمد ، وأحمد بن أنس وإسحاق بن داود .
هشام وابن ذكوان من القسم الثالث من بينه وبين الإمام أكثر من واحد .
منهج ابن عامر في القراءة
1- له بين كل سورتين ما لأبي عمرو .
2- له التوسط في المدين المتصل والمنفصل .
3- يدغم من رواية هشام ذال إذ في بعض الحروف نحو ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ
اتُّبِعُوا ) ويدغم من الروايتين الدال في الثاء نحو ( وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ
) والثاء في التاء في ( لَبِثْتُمْ ) حيث وقعا ، والذال في التاء نحو (
اتَّخَذْتُمْ ) كيف وقعت .
4- يغير الهمز المتطرف عند الوقف على تفصيل يعلم من محله ، هذا لهشام وحده
.
5- له في الهمزة الثانية من الهمزتين الملتقيتين في كلمة التسهيل والتحقيق
مع الإدخال ، إذا كانت مفتوحة ، وله التحقيق مع الإدخال وعدمه إذا كانت
مكسورة أو مضمومة ، وهذا كله لهشام ، أما ابن ذكوان فيقرأ كحفص .
6- يميل من رواية هشام ألف ( إِنَاهُ ) في ( غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ
) في الأحزاب .
وألف ( مَشَارِبُ ) في يس .
وألف ( عَابِدُونَ ) و ( عَابِد ) في الكافرون .
وألف ( آنِيَةٍ ) في ( تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) الغاشية .
7- ( إِبْرَاهِيم ) يقرأ من رواية هشام لفظ ( إِبْرَاهِيم ) في بعض المواضع
بفتح الهاء وألف بعدها .
8- يميل من رواية ابن ذكوان الألف في الألفاظ الآتية ( جَاءَ – شَاءَ –
زَادَ ) حيث وقعت وكيف وردت ، وكذلك ( الْمِحْرَابَ – إِكْرَاهِهِنَّ -
كَمَثَلِ الْحِمَارِ – الإِكْرَامِ - عِمْرَانَ ) .
9- يقرأ من رواية ابن ذكوان ( وَإِنَّ إِلْيَاسَ ) في الصافات يوصل الهمزة
.
|