مقدمة في علوم القرآن الكريم - رسم القرآن الكريم

فهرس المحتويات
  مقدمة   تعريف رسم المصحف   العلماء الذين أفردوا لهذا العلم بالتأليف
  قواعد رسم المصحف العثماني   مزايا الرسم العثماني و فوائده   هل رسم المصحف توقيفي ؟
  المصاحف و دور التحسين و التجويد   حكم نقط المصحف و شكله   الحروف السبعة في المصاحف العثمانية

مقدمة

إن أول ما يتبادر إليه ذهن الباحث في علوم القرآن الكريم شيئان: وهما جانب النطق له و جانب الرسم ، فيبحث في آداب التلاوة و أحكامها ، و يطالع أنواع القراءات... ، و يبحث أيضاً في رسم القرآن الكريم و طريقة كتابته ، على أن هنالك تلازماً بين الجانبين ، إذ إن من تَعلم التلاوة سَهل عليه الرسم ، والعكس بالعكس.

وهنا أردنا البحث والتفصيل في علم رسم القرآن الكريم ، الذي تعددت فيه أقوال واختلفت آراء، نستقصي ما استطعنا من جوانبه ، مع ملاحظة الإيجاز ، والإشارة إلى هذا الفن و مصادره ، و الذي أطلق عليه العلماء: "علم مرسوم الخط" ، أو "رسم المصحف الشريف".

العودة للفهرس


تعريف رسم المصحف

الرسم في اللغة: الأثر أي: أثر الكتابة في اللفظ،وهو تصوير الكلمة بحروف هجائها بتقدير الإبتداء بها و الوقوف عليها.

وفي اصطلاح علماء الرسم : الوضع الذي ارتضاه سيدنا عثمان رضي الله عنه في كتابة كلمات القرآن الكريم وحروفه. 

العودة للفهرس


العلماء الذين أفردوا لهذا العلم بالتأليف

الأصل في المكتوب موافقته للمنطوق ، لكن ذلك أهمل في المصحف العثماني لأسباب يستنتجها القاريء في باب مزايا الرسم العثماني و فوائده ، لذلك عني بعض العلماء بحصر تلك الكلمات التي جاء خَطها على غير مقياس لفظها، فكان ممن أفردها منهم بالتأليف:

1 الإمام أبو عمرو الداني ، في كتابه "المقنع".

2 العلامة أبو عباس المراكشي،في كتابه "عنوان الدليل في رسوم خط التنزيل".

3 العلامة محمد بن أحمد الشهير بالمتولي،في أرجوزته "اللؤلؤ المنظوم في ذكر جملة من المرسوم".

4 العلامة محمد خلف الحسيني الذي شرح منظومته و ذيل الشرح بكتاب أسماه: "مرشد الحيران إلى معرفة ما يجب اتباعه في رسم القرآن".

العودة للفهرس


قواعد رسم المصحف العثماني

1 قاعدة الحذف : وذلك كحذف الألف في "يأيها" ، و الياء في "باغٍ" ، والواو في "فأوا".

2 قاعدة الزيادة : وذلك كزيادة الألف في "تفتؤا" ، و الياء في "بأييد" ، والواو في "أولو".

3 قاعدة الهمز : وذلك كأن تكتب حال سكونها بحرف حركة ما قبلها "ائذن ، اؤتمن".

4 قاعدة البدل : وذلك ككتابة الألف واواً للتفخيم في "الصلوة" ، وكتابة النون ألفاً في نون. التوكيد المخففة "لنسفعاً" ، و هاء التأنيث تاء مفتوحة في نحو "رحمت".

5 قاعدة الوصل والفصل : وذلك كوصل"أن" بِ "لا" ، و "عن" ، و"كل" بِ "ما".

6 قاعدة ما فيه قراءتان : فإنه يكتب برسم إحداهما ، نحو "يخدعون، غيبت".

العودة للفهرس


مزايا الرسم العثماني و فوائده

الأولى : الدلالة على القراءات المتنوعة في الكلمة الواحدة ما أمكن. وذلك نحو "ان هدن لساحرن" رسمت بدون نقط أو إعراب ، فدلت على ذلك.

الثانية : إفادة المعاني المختلفة بطريقة ظاهرة. وذلك كقطع "أم" في "أم من يكون عليهم وكيلاً"، ووصلها في "أمّن يمشي"، وذلك ليفيد معنى الانقطاع في الأولى دون الثانية.

الثالثة : الدلالة على معنى خفي.كزيادة الياء في "بأييد"، إيماء لتعظيم قوة الله.

الرابعة : الدلالة على أصل الحركة مثل "سأوريكم" ، أو أصل الحرف مثل "الصلوة".

الخامسة : إفادة بعض اللغات الفصيحة.كقوله "يوم يأتِ" بحذف الياء على لغة هذيل.

السادسة:حمل الناس على تلقي القرآن الكريم من صدور الثقات ، ولا يتكلوا على الرسم. وفي ذلك مزيتان ، إحداهما: التوثق من اللفظ والأداء حيث لا يتيقن من الرسم أياً كان شكله. والثانية: إتصال السند برسول الله صلّى الله عليه و سلم ، وهذه خاصية للأمة المحمدية.

العودة للفهرس


هل رسم المصحف توقيفي ؟

هل هو توقيفي بأمر رسول الله صلّى الله عليه و سلم ، أم اصطلاحي باتفاق بين الكتبة وبين سيدنا عثمان رضي الله عنه ، و ذهبوا في ذلك مذاهب ثلاثة :

  • المذهب الأول: أنه توقيفي لا تجوز مخالفته ، وذلك مذهب الجمهور.

ومجمل دليلهم : إقرار النبي صلّى الله عليه و سلم الكتبة على كتابتهم ، ثم إجماع أكثر من اثني عشر ألفاً من الصحابة ، ثم إجماع الأئمة من التابعين و المجتهدين عليه ، وأدلة أخرى من العقل و النقل.

ومن جملة أقوالهم في التزام الرسم العثماني :

عن مالك : سئل أرأيت من استُكتب مصحفاً أترى أن يكتبه على ما استحدثه الناس من الهجاء اليوم ؟ فقال : لا أرى ذلك ، ولكن يكتب على الكتبة الأولى.

عن أحمد : قال: تحرم مخالفة خط عثمان في واو أو ياء أو غير ذلك.

  • المذهب الثاني : أنه اصطلاحي فتجوز مخالفته ، وعليه ابن خلدون في مقدمته ، والقاضي أبو بكر، ودليلهم: أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض على الأمة شيئاً في كتابته ، ولم يرد في السنة والإجماع ما يوجبه. ولقد نوقش هذا المذهب بأدلة تضعفه وتقلل من منطقيته.
  • المذهب الثالث : تجب كتابة المصحف للعامة على الاصطلاحات الشائعة عندهم ، و يجب في ذات الوقت المحافظة على الرسم العثماني بين الآثار الموروثة عن السلف. وهذا الرأي : يحتاط للقرآن الكريم من ناحية إبعاد الناس عن اللبس ، ومن ناحية إبقاء الرسم المأثور ليقرأ به العارفون به، والإحتياط مطلب ديني خاصة في جانب حماية التنزيل.

والراجح : ما عليه الجمهور ، وأن رسم القرآن توقيفي كله ، ومنه ما كان بإملاء الرسول صلّى الله عليه وسلم في كتابةَ بعض الكلمات ، والقسم الآخر كُتب كما تقرؤه قريش بلسانها.

العودة للفهرس


المصاحف و دور التحسين و التجويد

من الأشياء المستحدثة في المصاحف النقط ، وهما قسمان : إعراب و إعجام.

  • نقط الإعراب : الشكل   هو العلامات الدالة على ما يعرض للحرف من حركة أو سكون أو شد أو مد.

واختلف في أول من وضعه فقيل الخليل و قيل غيره. والصحيح الذي عليه أبو عمرو الداني : أنه أبو الأسود الدؤلي ، بأمر زياد بن أبي زياد ، والي البصرة ، فاختار رجلاً من عبد القيس و أمره بالشكل بلون يغاير لون المصحف. فجعل للفتحة نقطةً فوق الحرف، وللضمة أمامه ، وللكسرة تحته ، وللتنوين نقطتين هكذا ، حتى آخر المصحف. وعنه أخذ النقط حتى ظهر الخليل في العهد العباسي فأدخل عليه ما نحن عليه من التحسين اليوم.

  • نقط الإعجام : النقط : هو العلامات التي تميز الحروف من بعضها كي لا يلتبس معجم بمهمل. والحروف المعجمة خمسة عشرحرفاً.

واختلف في أول من وضع نقط الإعجام على أقوال أصحها: أنه : يحيى بن معمر أو ونصر بن عاصم ، وذلك بأمر الحجاج بن يوسف الثقفي. فوضعاه و جعلاه بلون مداد المصحف ، ليتميز عن نقط أبي الأسود.

و منه يتبين أن نقط الإعراب متقدم على نقط الإعجام.

العودة للفهرس


حكم نقط المصحف و شكله

كان علماء الصدر الأول يرون كراهت المبالغة في الحفاظ على الأداء والرسم. فعن ابن مسعود : "جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء". وعن ابن سيرين : "أنه كره النقط و الفواتح والخواتم". وقال مالك : "لا بأس بالنقط في المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان أما الأمهات فلا ".

لكنّ ما يبين تغير العلماء في حكمه قول النووي:"ويستحب نقط المصحف وشكله فإنه صيانة من اللحن فيه ، و أما كراهة الشعبي والنخعي ، فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفاً من التغيير فيه ، وقد أمن اليوم فإنه من المستحدثات الحسنة". ومن هذا : يتبين لنا استحبابه ، بل وجوبه حين خوف اللبس على من يقرأ بدونه.

العودة للفهرس


الحروف السبعة في المصاحف العثمانية

يتفق جمهور العلماء ، أن المصاحف العثمانية جاءت مشتملة على الأحرف السبعة ولم تترك منها حرفاً واحداً. أي أنها اشتملت على حروف من لغات العرب في قسم منها ، وشملت أيضاً حرف قريش في كثير من أقسامها ، و خاصة فيما اختلف الصحابة في كتابته.

وتبقى هناك الإجابة عن كيفية اشتمال المصحف على الأحرف السبعة ؟ و هذا ما يستنتجه القاريء من ما ذُكر تفصيله عن الفرق بين الأحرف السبعة و القراءات السبع في باب  الأحرف السبعة والقراءات.

العودة للفهرس