قراءة لهذا الموضوع

الرقمالبيتالشرح
681وَتَذَّكَّرُونَ الْغَيْبَ زِدْ قَبْلَ تَائِهِ (كَـ)ـرِيماً وَخِفُّ الذَّالِ (كَـ)ـمْ (شَـ)ـرَفاً (عَـ)ـلاَأي زاد ابن عامر ياء فقرأ ( قليلا ما يتذكرون) ، وخفف الذال والباقون لم يزيدوا هذه الياء الدالة على الغيب وهم في تخفيف الذال وتشديدها مختلفون على ما سبق في الأنعام وإنما احتاج إلى إعادة الكلام في تخفيف الذال هنا لأجل زيادة ابن عامر على تخفيفها وقد سبق الكلام في تعليل مثل هذه القراءات وفي معنى قوله كم شرفا علا في سورة النساء والله أعلم
682مَعَ الزُّخْرُفِ اعْكِسْ تُخْرَجُونَ بِفَتْحَةٍ وَضَمٍّ وَأُولَى الرُّومِ (شَـ)ـافِيهِ (مُـ)ـثِّلاَأراد (ومنها تخرجون يا بني آدم) ، وفي الزخرف (بلدة ميتا كذلك تخرجون) ، والأولى من الروم (وكذلك تخرجون ومن آياته) ، احترز من الثانية وهي (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) ، فإنهم أجمعوا على أن الفعل فيه مسندا إلى الفاعل فاختلفوا في المواضع الثلاثة المذكورة فقرأها حمزة والكسائي وابن ذكوان كذلك مسماة للفاعل وقرأها غيرهم على بناء الفعل للمفعول ووجه القراءتين ظاهر لأنهم أخرجوا فخرجوا فقوله بفتحة يعني في التاء وضم يعني في الراء ولو قال بفتحة فضم فعطف بالفاء كان أجود من الواو هنا لأن قراءة الباقين أيضا بضم وفتحة والواو لا تقتضي ترتيبا وإذا قيل ذلك بالفاء بان أن الضم بعد الفتحة فيفهم أنها على إسناد الفعل إلى الفاعل وفائدة قوله اعكس أن يجعل مكان فتحة التاء ضمة ومكان الضم فتحا ولولا قوله اعكس لجعلت مكان الفتحة كسرة لأنها ضدها
683بِخُلْفٍ (مَـ)ـضى فِي الرُّومِ لاَ يَخْرُجُونَ (فِـ)ـي (رِ)ضا وَلِباَس الرَّفْعُ (فِـ)ـي (حَقِّ نَـ)ـهْشَلاَأي عن ابن ذكوان خلاف في أولى الروم المذكورة وقوله مضى رمزه ولو لم يرمز لكان معلوما لأن ذكره للخلف مهما أطلقه بعد رمزين أو أكثر رجع إلى آخر رمز هذه عادته ولكنه اضطر هنا إلى كلمة يتزن البيت بها فلو أتى بغير ما في أوله ميم لأوهم رمزا لغير ابن ذكوان فكان رمز الميم أولى ولأن فيه زيادة بيان ويجوز أن يقال هذا الموضع لا نظير له فإن المواضع التي يطلق فيها الخلف بعد رمز متعدد يكون الخلف فيها راجعا إلى الحرف المرموز له وهنا رجع الخلف إلى بعض المذكور وهو موضع واحد من ثلاثة فلو قال بخلف الذي في الروم لظن أن الخلف فيه للجميع وأن الموضعين الآخرين لا خلف فيهما فأزال الوهم بالرمز والله أعلم ، ثم قال-لا يخرجون-يعني الذي في الجاثية (فاليوم لا يخرجون منها) ، انفرد حمزة والكسائي عن ابن ذكوان بقراءته بفتح الياء وضم الراء وهو مشتبه بالذي في الحشر (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم) ، فليس في فتح يائه خلاف وقوله في رضى أي كائن في رضى من قبول العلماء له وفي ظاهر العبارة أيضا معنى حسن وهو أن الكفار لا يخرجون مرضيا عنهم بل يخرجون من عذاب إلى عذاب أعاذنا الله برحمته والقراءتان في جميع ذلك مثل-يرجعون-و-يرجعون-وأما (ولباس التقوى) ، بالنصب فعطف على ما قبله قال أبو علي ومن رفع قطع اللباس في الأول واستأنف به فجعله مبتدأ وقوله ذلك صفة أو بدل أو عطف بيان ومن قال إن ذلك لغو يعني فصلا لم يكن على قوله دلالة لأنه يجوز أن يكون على حد ما ذكرنا وخير خبر اللباس والمعنى لباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به وأقرب له إلى الله تعالى مما خلق له من اللباس والرياش الذي يتجمل به وأضيف اللباس إلى التقوى كما أضيف إلى الجوع والخوف في قوله تعالى (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) ، وقال غير أبي علي ولباس بالرفع خبر مبتدأ أي وهو لباس التقوى فيكون وهو ضمير اللباس المواري للسوأة سماه لباس التقوى لستره العورة لأن كشفها محرم ينافي التقوى وإليه الإشارة بقوله-ذلك خير-أي خير في نفس الأمر أي خير من الريش المتجمل به والذي يظهر من قراءة النصب أنه استعار التقوى لباسا كما استعار للجوع والخوف مجازا ثم أشار إليه بقوله-ذلك خير-أي مما تقدم أو المجوع خير في نفسه أو خير من عدمه كما قال سبحانه في موضع آخر (ذلك خير لكم وأطهر) ، وإذا دلتنا قراءة النصب على أن لباس التقوى غير اللباس المواري للسوأة فالأولى جعل قراءة الرفع كذلك فيكون مبتدأ وذلك إشارة إليه للعلم به والحث عليه من الشارع في عدة مواضع وما أحسن قول الشاعر ، ( إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى تقلب عريانا وإن كان كاسيا) ، وإعراب قول الشاطبي ولباس الرفع كما سبق في قوله والميتة الخف خولا في آل عمران وقد سبق تفسير قوله في حق نهشلا في سورة النساء أي يتسلى بذلك المنقول من الضعفاء العاجزين عن لباس الزينة في الدنيا والله أعلم
684وَخَالِصَةٌ (أَ)صْلٌ وَلاَ يَعْلَمُونَ قُلْ لِشُعْبَةَ فِي الثَّانِي وَيُفْتَحُ (شَـ)ـمْلَلاَهذا البيت جامع لثلاث مسائل استعمل فيها الرفع والغيب والتذكير وهي الأمور التي يستغنى بها لفظا عن القيد ، المسألة الأولى (خالصة يوم القيامة) ، القراءة فيها دائرة بين الرفع والنصب فكان إطلاقه لها من غير قيد دليلا على أنه أراد الرفع لمن رمز له وهو نافع وحده فالباقون بالنصب فوجه الرفع أن يكون-خالصة-خبر المبتدأ الذي-هو هي وقوله-للذين آمنوا-متعلق بالخبر وفي الحياة معمول آمنوا أي هي خالصة يوم القيامة للمؤمنين في الدنيا ويجوز أن يكون للذين آمنوا خبر المبتدأ وخالصة خبر بعد خبر وفي الحياة الدنيا معمول الأول أي استقرت في الدنيا للمؤمنين وهي خالصة يوم القيامة وخالصة بالنصب على الحال أي هي للمؤمنين في الدنيا على وجه الخلوص يوم القيامة بخلاف الكافرين فإنهم وإن نالوها في الدنيا فما لهم في الآخرة منها شيء وذكر أبو علي وجوها كثيرة فيما يتعلق به قوله في الدنيا قال الشيخ ومعنى قوله أصل أنها خلقت للذين آمنوا بطريق الأصالة في الدنيا والآخرة وإنما شاركهم غيرهم في الدنيا بطريق التبعية ، المسئلة الثانية (قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون) ، القراءة فيها دائرة بين الغيب والخطاب فكان إطلاقه لها من غير قيد دليلا على أنه أراد الغيب لشعبة وحده والباقون بالخطاب ووجه القراءتين ظاهر سبق لهما نظائر وقوله في الثاني احترز به من قوله تعالى (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ، فإنه بالخطاب من غير خلاف فإن قلت هلا قال في الثالث فإن قبل هذين الموضعين ثالثا وهو (إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) ، وهو أيضا بالخطاب بلا خلاف قلت أراد الثاني بعد كلمة خالصة التي ذكر الخلاف فيها ولم يحتج إلى الاحتراز عما تقدم خالصة فإن ذلك يعلم أنه لا خلاف فيه لأنه تعداه ولو كان فيه خلاف لذكره قبل خالصة هذا غالب نظمه وإن كان في بعض المواضع يقدم حرفا على حرف على ما يواتيه النظم ولكن الأصل ما ذكرناه ونظير ما فعله هنا ما يأتي في سورة يونس من قوله وذاك هو الثاني يعني لفظ ننجي بعد نجعل وهو ثالث إن ضممت إليه آخر قبل نجعل على ما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى والدليل على أنه يراعي ترتيب الحروف ولا يحتاج إلى أن يحترز عن السابق قوله في سورة المؤمنين صلاتهم شاف أراد التي بعد أماناتهم ولم يحترز عن قوله (الذين هم في صلاتهم خاشعون) ، لأنها سبقت ذكر أماناتهم وهذه مواضع حسنة لطيفة يحتاج من يروم فهم هذا النظم أن ينظر فيها واو أنه قال وخالصة أصل وشعبة يعلمون بعد ولكن لا لما احتاج إلى ذكر ثان ولا ثالث ، المسئلة الثالثة (لا يفتح لهم أبواب السماء) ، اختلف فيها في موضعين أحدهما المذكور في هذا البيت وهو التذكير والتأنيث وكان إطلاق الناظم في قوله ويفتح شمللا دليلا على أنه أراد التذكير لحمزة والكسائي ووجه القراءتين ظاهر لأن تأنيث الأبواب ليس بحقيقي وقد وقع الفصل بين الفعل وبينها ثم ذكر الموضع الثاني فقال
685وَخَفِّفْ (شَـ)ـفَا (حُـ)ـكْماً وَماَ الْوَاوَ دَعْ (كَفى) وَحَيْثُ نَعَمْ بِالْكَسْرِ فِي الْعَيْنِ (رُ)تِّلاَأي وافق أبو عمرو وحمزة والكسائي على تخفيف-يفتح لهم-ولم يوافقهما في التذكير فصار فيها ثلاث قراءات التذكير مع التخفيف والتأنيث مع التخفيف وقراءة الباقين التأنيث مع التشديد فالتخفيف من فتح والتشديد من فتح وقد تقدم نظيرهما وقوله وما الواو دع الواو بالنصب مفعول دع أي اترك الواو أسقطها من قوله تعالى (وما كنا لنهتدي) ، قرأها ابن عامر كذلك لأن الواو لم ترسم في مصحف الشام وهو نظير قراءته في سورة البقرة (قالوا اتخذ الله) ، والباقون بالواو فيهما على ما رسم في مصاحفهم ووجه إثبات الواو فائدة العطف وسقوطها الاستئناف أو الاستغناء عنها وإليه الإشارة بقوله كفى قال أبو علي كأن الجملة ملتبسة بما قبلها فأغنى القياس به عن حرف العطف قال ومثل ذلك قوله تعالى (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) ، فاستغنى عن الحرف العاطف بالتباس إحدى الجملتين بالأخرى ونعم بفتح العين وكسرها لغتان وهو حرف مستعمل تارة عدة وتارة تصديقا وقوله وحيث نعم أي وحيث هذا اللفظ موجود في القرآن ففيه هذا الخلاف والله أعلم
686وَأَنْ لَعْنَةُ التَّخْفِيفِ وَالرَّفْعُ (نَـ)ـصُّهُ (سَماَ ) مَا خَلاَ الْبَزِّي وَفِي النُّورِ (أُ)وصِلاَيريد (أن لعنة الله على الظالمين) ، وتخفيفه في نون أن والرفع في آخر-لعنة-لأنه إذا خففت أن بطل عملها وارتفع ما بعدها بالابتدا والخبر وأضمر بعد أن ضمير الشأن وقرأ نافع وحده بمثل هذا في سورة النور في قوله سبحانه (أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين) ، وكذلك يقرأ أيضا (أن غضب الله) ، على ما سيأتي في مكانه وقراءة الباقين ظاهرة في المواضع الثلاثة بتشديد أن ونصب ما بعدها على أنه اسمها وأسكن ياء البزي وخففها ضرورة والله أعلم
687وَيُغْشِي بِهاَ وَالرَّعْد ثَقَّلَ (صُحْبَةٌ) وَوَالشَّمْسُ مَعْ عَطْفِ الثَّلاَثَةِ كَمَّلاَيريد (يغشى الليل النهار) ، بهذه السورة وبالرعد التخفيف فيها والتشديد لغتان ويقال أغشى وغشي مثل انزل ونزل وأما (والشمس والقمر والنجوم مسخرات) ، فقرئت الأربعة بالرفع والنصب أما الرفع فعلى الابتداء والخبر مسخرات وأما النصب فعلى تقدير وخلق الشمس والقمر والنجوم مسخرات فيكون نصب مسخرات على الحال أو يكون على إضمار جعل فيكون مسخرات مفعولا به فقوله-والشمس-أدخلا واو العطف الفاصلة على واو التلاوة وأطلق لفظ الشمس ولم يقيد حركتها ليعلم أنها رفع ثم قال مع عطف الثلاثة يعني بالثلاثة-والقمر والنجوم مسخرات-وهذه الثلاثة منها اثنان معطوفان وثالث وهو-مسخرات-ليس معطوفا لكنه في حيز ما عطف فأعطاه حكمه فلهذا قال مع عطف الثلاثة أي مع الثلاثة المتصفة بالعطف فهو من باب سحق عمامة أي عمامة موصوفة بأنها سحق أي ذات سحق بمعنى بالية فكذا هذه الثلاثة موصوفة بأنها ذات عطف أي معطوفة وقوله كمل الرفع في الأربعة والفاعل هو القاريء أو هذا اللفظ لأن التكميل فيه كما سبق في خاطب
688وَفِي النَّحْلِ مَعْهُ فِي الأَخِيرَيْنِ حَفْصُهُمْ وَنُشْراً سُكُونُ الضَّمِّ فِي الْكُلِّ (ذَ)لِّلاَمعه أي مع ابن عامر في رفع الأخيرين حفص أي وافقه على رفع-النجوم مسخرات- في سورة النحل ولم يوافقه على رفع-والشمس والقمر-في النحل ولا على رفع الأربعة هنا في عبارة الناظم نظر وذلك أنها لا تخلو من تقديرين وكلاهما مشكل أحدهما أن يكون تقدير الكلام حفص وابن عامر على الرفع في الأخيرين في النحل فهذا صحيح ولكن لا يبقى في نظمه دلالة على أن ابن عامر يرفع الأولين في النحل لأن لفظه في البيت الأول لم يأت فيها مما يدل على الموضعين ولفظه في هذا البيت لم يتناول لا الأخيرين والتقدير الثاني أن يكون في النحل متعلقا بالبيت الأول كأنه قال برفع هذه الأربعة هنا وفي النحل ثم ابتدأ وقال معه في الأخيرين حفص وهذا وإن كان محصلا لعموم رفع الأربعة في الموضعين لابن عامر فلا يبقى في اللفظ دلالة على أن حفصا لم يوافقه لا على رفع الأخيرين في النحل فقط بل يبقى ظاهر الكلام أن حفصا موفقة على رفع الأخيرين في الموضعين فلو قال وفي النحل حفص معه ثم في الأخيرين نشرا إلى آخر البيت لاتضح المعنى بقوله ثم لدلالته على تخصيص موافقة حفص مما في النحل فقط والذي في النحل هو (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات) ، فرفع الأربعة ظاهر على ما سبق ورفع الأخيرين على الابتداء والخبر والشمس والقمر نصبهما على ما توجه به نصب الأربعة وذلك بفعل مضمر وهو وخلق الشمس أو وفعل الشمس وما بعدهما فيكون مسخرات حالا أو مفعولا به كما مضى أو يقدر هذا الفعل قبل والنجوم ويكون الشمس والقمر معطوفين على الليل والنهار وإنما لم نقل ذلك في والنجوم مسخرات لأن الفعل الناصب هو وسخر فيصير المعنى وسخر النجوم مسخرات وهذا غير مستقيم ويجوز أن يكون المعنى ونتعلم هذه الأشياء في حال كونها مسخرات لما خلقن له أو يكون مسخرات بمعنى تسخيرات فيكون مصدرا أي سخرها أنواعا من التسخير كقوله سرحه مسرحا ووقع في تفسير الواحدي خلل في نقل قراءة حفص في النحل فقال وقرأ حفص مسخرات بالرفع وحدها وجعلها خبر مبتدإ محذوف كأنه قال هي مسخرات وأما نشرا من قوله تعالى (وهو الذي يرسل الرياح نشرا) ، وحيث شاء فأسكن شينا مدلول ذللا ومعنى ذلك سهل وقرب وقوله وسكون الضم مبتدأ ثان وقامت الألف واللام في الكلمة مقام الضمير العائد على المبتدإ الأول أي في كله أي في جميع مواضعه ثم قال
689وَفي النُّونِ فَتْحُ الضمِّ (شَـ)ـافٍ وَعَاصِمٌ رَوى نُونَهُ بِالْبَاءِ نُقْطَةٌ اسْفَلاَقرأ حمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين على أنها مصدر في موضع الحال أو مؤكدا أي ذات نشر أو نشرها أي نحييها فنشرت نشرا أي حييت من أنشر الله الموتى فنشرها وأقام قوله يرسل الريح مقام ينشرها قال أبو زيد أنشر الله الريح إنشارا إذا بعثها وقراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو نشرا بضم النون والشين جمع نشور أو نشر وهي الريح الحية وقراءة ابن عامر على تخفيف هذه القراءة بضم النون وإسكان الشين وقراءة عاصم-بشرا بباء مضمومة وإسكان الشين جمع بشير من قوله تعالى (يرسل الرياح مبشرات) ، أي تبشر بالمطر والرحمة وقد مضى إعراب لفظ لقطة أسفلا في سورة البقرة أي لها لقطة أسفلها قيدها بذلك خوفا من التصحيف والله أعلم
690وَرَا مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ خَفْضُ رَفْعِهِ بِكُلٍّ (رَ)سَا وَالْخِفُّ أُبْلِغُكُمْ (حَـ)ـلاَمجموع قوله-من له غير-في موضع خفض بإضافة راء إليه أي وراء هذا اللفظ حيث ياء خفض رفعها رسا أي ثبت ووجه الخفض أنه صفة إلى لفظا والرفع صفة له معنى لأن التقدير ما لكم إله غيره ومن زائد وأبلغ وبلغ لغتان كأغشى وغشى والقراءة بهما هنا في موضعين وفي الأحقاف فقول الناظم والخف مبتدأ وخبر حلا وأبلغكم منصوب بالمبتدأ لأنه مصدر كأنه قال وتخفيف أبلغكم حلا فأقام الخف مقام التخفيف فلما أدخل عليه لام التعريف نصب المضاف إليه مفعولا به وكان التخفيف مضافا إلى المفعول كما تقول ضرب زيد حسن ثم تقول الضرب زيد أحسن ومنه قول الشاعر ، (كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا ) ، والأصل عن ضرب مسمع والله أعلم
691مَعَ أحْقَافِهاَ وَالْوَاوُ زِدْ بَعْدَ مُفْسِدِينَ (كُـ)ـفْؤاً وَبِالإِخْبَارِ إِنَّكُمُو (عَـ)ـلاَأي مع كلمة أحقافها وهي (وأبلغكم ما أرسلت به ولكني) ، والهاء عائدة على سور القرآن ليعلم بها ثم قال زد واوا بعد قوله مفسدين يريد قوله تعالى في قصة صالح (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)-(وقال الملأ) ، رسمت الواو في مصحف الشام دون غيره فقرأها ابن عامر كذلك وحذفها الباقون كما أنه حذف واو (وما كنا لنهتدي) ، وأثبتها الباقون وكفرا حال من فاعل زد أو من الواو أي إثباتها مكافيء لحذفها إذ المعنى فيهما واحد قوله وبالإخبار متعلق بعلا أي أئنكم علا وارتفع بقراءته على الخبر أي بهمزة واحدة في قوله (أئنكم لتأتون الفاحشة) ، أخبر أنهم بما كانوا عليه توبيخا لهم وقرأه الباقون بزيادة همزة الاستفهام الذي بمعنى الإنكار وهم على أصولهم في تحقيق الثانية وتسهيلها والمد بين الهمزتين وترك المد والذي قرأ بالإخبار حفص ونافع وقد رمز له في أول البيت الآتي ، فإن قلت من أين يتعين أن الاستفهام ضد الإخبار حتى تعلم منه قراءة الباقين وإنما هما قسمان من أقسام الكلام والأمر والنهي والتمني والترجي كذلك ، قلت قد نطق بلفظ الاستفهام في قوله أئنكم علا فأغنى عن أحد الضدين الإخبار وكأن قال يقرأ هذا اللفظ على الخبر فيعلم أن قراءة الباقين بهذا اللفظ ويجوز أن يندرج ذلك تحت الإثبات والحذف فالإخبار حذف لهمزة الاستفهام وضد إثباتها والله أعلم
692( أَلاَ وعَلَى الحِرْمِيُّ إنَّ لَنَا هُنَا وَأَوْ أَمِنَ الإسْكَانَ حَرْمِيُّه كَلا) ألاألا من تتمة رمز ما سبق وعلى في قوله وعلى الحرمي فعل ماض ارتفع به الحرمي وألا حرف تنبيه أخبر بعد بأن قراءة الحرمين (إن لنا لأجرا) ، بالإخبار قد علمت ولو كان على حرف جر لكان له معنى مستقيم أيضا أي على الحرميين قراءة-إن لنا-بالإخبار والواو في وعلى للفصل والعين رمز حفص لأن الواو زائدة على الكلمة فكأنه قال وحفص بخلاف العين في قوله وعى نفر فإنها متوسطة وسيأتي لهذا نظائر وكم صحبة يا كاف ودون عناد عم وحكم صحاب قصر همزة جاءنا وقد سبق في شرح الخطبة الكلام على هذا وقوله هنا احترازا من الذي في الشعراء فإنه بالاستفهام اتفاقا كقراءة الباقين هنا وأما (أو أمن أهل القرى) ، ففي واوه الإسكان والفتح فالإسكان على أنها حرف أو أي أفأمنوا هذا أو هذا وقراءة الجماعة على أنها واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام وهو استفهام بمعنى النفي وقوله الإسكان مبتدأ ثان والعائد إلى الأول محذوف أي الإسكان فيه و معنى كلا حفظ وحرس والله أعلم
693(عَلَيَّ عَلَى خَصُّوا وَفي سَاحِرٍ بِهَا وَيُونُسَ سَحَّار شَفَا وتَسَلْسَلاَأي خصوا علي موضع على في قوله تعالى (حقيق على أن لا أقول) ، فقراءة نافع واضحة أي واجب على قول الحق وأن لا أقول على الله غيره وعلى فى قراءة الجماعة متعلقة برسول وحقيق صفته أي أني رسول على هذه الصفة وهي أني لا أقول إلا الحق وحقيق بمعنى حق أي أنا رسول حقيقة ورسالتي موصوفة بقول الحق قال ابن مقسم حقيق من نعت الرسول أي رسول حقيق من رب العالمين أرسلت على أن لا أقول على الله إلا الحق وهذا معنى صحيح واضح وغفل أكثر المفسرين من أرباب اللغة عن تعلق حرف على برسول ولم يخطر لهم تعلقه إلا بقوله حقيق فقال الأخفش والفراء على بمعنى الباء أي حقيق بأن لا أقول إلا الحق كما جاءت الباء بمعنى على في (ولا تقعدوا بكل صراط) ، وتبعهما الأكثرون على ذلك وذكر الزمخشري أربعة أوجه أخر ، أحدها أن يكون من المقلوب لا من الإلباس كقوله (وتشقي الرماح بالضياطرة الحمر ) ، ومعناه وتشقي الضياطرة بالرماح يعني فتكون بمعنى قراءة نافع أي قول الحق حقيق على فقلب اللفظ فصار أنا حقيق على قول الحق قال ، والثاني أن ما لزمك فقد لزمته فلما كان قول الحق حقيقا عليه كان هو حقيقا على قول الحق أي لازما له ، والثالث أن تضمن حقيق معنى حريص كما ضمن هيجني معنى ذكرني في بيت الكتاب يعني قوله ، (إذا تغنى الحمام الورق هيجني ولو تغربت عنها أم عمار) نصب أم عمار يهيجني لأنه استعمله بمعنى ذكرني ، قال والرابع أن يغرق موسى عليه السلام في وصف نفسه بالصدق أي أنا حقيق على قول الحق أي واجب على أن أكون أنا قائله والقائم به وكل هذه وجوه متعسفة وليس المعنى إلا على ما ذكرته أولا وقراءة حمزة والكسائي (يأتوك بكل سحَّار عليم) ، والباقون-بكل ساحر-وكذا في يونس (وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم) ، ولا خلاف في الذي في الشعراء أنه سحار بألف بعد الحاء كما قرأ حمزة والكسائي في الأعراف ويونس وساحر وسحار مثل عالم وعلام وفي التشديد مبالغة وتقدير نظم البيت وسحار شفا في موضع ساحر في الأعراف ويونس والمتسلسل الماء الذي يجري في الحلق سائغا سهل الدخول فيه يشير إلى الميل إليه لموافقته لفظ ما أجمع عليه في الشعراء
694وَفِي الْكُلِّ تَلْقَفْ خِفُّ حَفْصٍ وَضُمَّ فِي سَنَقْتُلُ وَاكْسِرْ ضَمَّهُ مُتَثَقِّلاَلفظ في هذا البيت بقراءة حفص ولفظ بقراءة الجماعة في البقرة عند ذكر تاآت البزى ويروي ثلاثا في تلقف والتخفيف والتشديد في القاف ويلزم التخفيف سكون اللام والتشديد فتحها ولم ينبه عليه للعلم به من لفظه وقد سبق له نظائر وقوله وفي الكل يعني هنا تلقف وفي طه والشعراء فقراءة حفص من لقف يلقف كعلم يعلم وقراءة الباقين أصلها تتلقف فحذفت التاء الثانية تخفيفا كقوله تعالى (تنزل الملائكة والروح فيها) ، وتقدير النظم وتلقف مخفف حفص في الكل وأما (سنقتل أبناءهم) ، فالضم في النون وكسر الضم مع التشديد في التاء ومتثقلا حال من المكسور وهو الضم الذي بمعنى المضموم ثم تمم الكلام في ذلك فقال
695وَحَرِّكْ (ذَ)كَا (حُـ)ـسْنٍ وَفِي يَقْتُلُونَ (خُـ)ـذْ مَعاً يَعْرِشُونَ الْكَسْرُ ضُمَّ (كَـ)ـذِي (صِـ)ـلاَأي حرك القاف بالفتح فيصير مستقبل قتل بتشديد التاء والقراءة الأخرى مستقبل قتل بتخفيف التاء وهما ظاهرتان وفي التشديد معنى التكثير وذكا بضم الذال والمد اسم الشمس وقصره ضرورة أي هي ذكا حسن يعني القراءة أي حرك مشبها شمس حسن ثم قال وفي يقتلون خذ أي فيه بما قيد به في سنقتل يعني (يقتلون أبناءكم) ، لم يخففه غير نافع وأما سنقتل فخففه نافع وابن كثير ثم قال معا يعرشون يعني هنا وفي النحل ضم الراء وكسرها لغتان وقوله كذى صلا أي كصاحب صلا والصلاء بالمد ذكا النار بالقصر واستعارها وذلك يستعار للتعبير به عن الذكاء الممدود وهو الفطنة أي ضم الكسر فيه مشبها ذلك والله أعلم
696وَفي يَعْكُفُونَ الضَّمُّ يُكْسَرُ (شَـ)ـافِياً وَأَنْجى بِحَذْفِ الْيَاءِ وَالنُّونِ (كُـ)ـفِّلاَضم الكاف وكسرها لغتان وقرأ ابن عامر (وإذ أنجاكم من آل فرعون)-(والباقون-أنجيناكم) وكلاهما ظاهر
697وَدَكَّاءَ لاَ تَنْوِينَ وَامْدُدْهُ هَامِزاً (شَـ)ـفَا وَعَنِ الْكُوفِيِّ فِي الْكَهْفِ وُصِّلاَالدكاء بالمد الرابية الناشرة من الأرض كالدكة أي جعله كذلك يعني الجبل ههنا والسد في الكهف أو جعله أرضا مستوية ومنه ناقة دكاء للمستوية السنام ودكا بالقصر والتنوين في قراءة الجماعة مصدر بمعنى مدكوكا أو مندكا أي مندقا والمعنى دكه دكا مثل قعد جلوسا ومرفوع وصلا ضمير عائد على دكا الممدود غير النون أي وصل إلينا نقله عن الكوفيين في حرف الكهف والله أعلم
698وَجَمْعُ رسَالاَتِي (حَـ)ـمَتْهُ (ذُ)كُورُهُ وَفي الرُّشْدِ حَرِّكْ وَافْتَحِ الضَّمَّ (شُـ)ـلْشُلاَيريد قوله تعالى (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي) ، وقد سبق الكلام في إفراد رسالة وجمعها في سورة المائدة والأنعام وذكوره بمعنى سيوفه يشير بذلك إلى حجج القراءة وعدالة من نقلها والرشد والرشد لغتان كالبخل والبخل وقيل الرشد بالضم الصلاح وبالفتح الدين ولهذا أجمع على ضم-فإن آنستم منهم رشدا-وعلى فتح-فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا-أي حرك الشين بالفتح وافتح ضم الراء في حال خفته
699وَفِي الْكَهْفِ (حُـ)سْنَاهُ وَضَمُّ حُلِيِّهِمْ بَكَسْرٍ (شَـ)ـفَا وَافٍ وَالاِتْبَاعُ ذُو حُلاَأي وفتح الذي في الكهف أبو عمرو وحده وهو قوله تعالى-على أن تعلمن مما علمت رشدا-وضمه الباقون وقبل هذا الحرف في الكهف موضعان لا خلاف في فتحهما وهما-وهيئ لنا من أمرنا رشدا-وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا-وذلك لموازنة رءوس الآي قبلهما وبعدهما نحو-عجبا-عددا-أحدا-وأما وجه الإسكان في الثالث المختلف فيه فلأن قبله-علما-وبعده-صبرا-فرشدا بالضم والإسكان يوافقه فاتفق أن اللفظ المختلف فيه في الصورتين هو واقع في قضية موسى عليه السلام ولعل الناظم أشار بقوله حسناه إلى حسن القراءتين وهو مصدر على فعلى كحسنى أو هو تثنية حسن أي حسنا هذا اللفظ وحسناه قراءتاه وحلى جمع حلى الأصل ضم الحاء ومن كسرها أتبعها كسرة اللام فلهذا قال والاتباع ذو حلا تعليلا لهذه القراءة أي الإتباع معروف في لغة العرب مستحسن عندهم وليس قوله ذو حلا برمز فإن رمز قراءة الكسر في قوله شفا والاتباع هي بكسر الحاء وهو يوهم أنه رمز لقراءة أخرى في باديء الرأي فلو كان حذفه وقيد موضع الخلاف في الكهف كان أولى فيقول ، (وفي ثالث في الكهف حز وحليهم بكسر لضم الحاء الاتباع شمللا) ، والله أعلم
700وَخَاطَبَ يَرْحَمْنَا وَيَغْفِرْ لَنَا (شَـ)ـذاً وَبَا رَبَّنَا رَفْعٌ لِغَيْرِهِمَا انْجَلاَأي مشبها شذا أو ذا شذا وهو العود لأنهما قرءا على الخطاب ونصبا ربنا على حذف حرف النداء وقراءة الباقين على الغيب وإسناد الفعلين إلى ربنا فلهذا رفع على الفاعلية
701وَمِيمَ ابْنَ أُمَّ اكْسِرْ مَعًا (كُفْؤَ) (صُحْبَةٍ) وَآصَارَهُمْ بِالْجَمْعِ وَالْمَدِّ (كُـ)ـلِّلاَمعا يعني هنا ونى طه وفتح الميم وكسرها لغتان وإفراد الإصر وجمعه مضت نظائره وهو الثقل من التكاليف وغيرها وكفؤا حال من فاعل اكسر أو مفعوله وقد مضى في النساء معنى كللا
702خَطِيئَاتُكُمْ وَحْدَهُ عَنْهُ وَرَفْعُهُ (كَـ)ـمَا (أَ)لَّفُوا وَالْضَّمِيرُ بِالْكَسْرِ عَدَّلاَعنه أي عن ابن عامر ورفع التاء له ولنافع لأنهما قرءا يغفر بإسناد الفعل إلى المفعول فلزم رفع خطيئتكم لابن عامر وخطيئاتكم لنافع وإنما كسر الباقون التاء علامة للنصب في-خطيئاتكم-لأنهم يقرءون نغفر بإسناد الفعل إلى الفاعل فخطيئاتكم مفعوله وأبو عمرو قرأ خطايا على جمع التكسير فموضعهما نصب ومعنى ألفوا أجمعوا
703وَلكِنْ خَطَايَا (حَـ)ـجَّ فِيهَا وَنُوحِهَا وَمَعْذِرَةً رَفْعٌ سِوى حَفْصِهمْ تَلاَأي وقرأ أبو عمرو في هذه السورة وفي سورة نوح-خطايا-على وزن مطايا والذي في نوح (مما خطاياهم أغرقوا) ، وقرأ الباقون بجمع السلامة-مما خطيئاتهم-وهو مشكل إذ لقائل أن يقول من أين يعلم ذلك فلعل الباقين قرءوا بالإفراد أو بعضهم بجمع السلامة وبعضهم بالإفراد كما قرءوا في الأعراف فلو أنه قال بعد قوله والغير بالكسر عدلا كنوح خطايا فيهما حج وحده أي كحرف نوح وأبو عمرو قرأ فيهما أي في الأعراف ونوح خطايا لم يبق مشكلا ولعله اجتزأ عن ذلك بقوله أولا خطيئاتكم وحده عنه فكأنه قال وهذا اللفظ قرأه أبو عمرو هنا وفي نوح خطايا فبقي الباقون في السورتين على ما لفظ به وهو خطيئاتكم ، فإن قلت هلا قال والغير بالخفض أو بالجر لأنها حركة إعراب لا بناء ، قلت هذه العبارة جيدة في حرف نوح لأنه مجرور وأما الذي في الأعراف فمنصوب وعلامة نصبه الكسرة فعدل إلى لفظ الكسر لأنه يشمل الموضعين والله أعلم ، وأما (معذرة إلى ربكم) ، فهو بالرفع خبر مبتدإ محذوف وبالنصب مصدر أو مفعول له وقال سيبويه بعد قوله فقالت حنان ما أتى بك ههنا ومثله في أنه على الابتداء وليس على فعل قوله تعالى (قالوا معذرة إلى ربكم) لم يريدوا أن يعتذروا اعتذارا مستأنفا من أمر ليسوا عليه ولكنهم قيل لهم-لم تعظون قوما-فقالوا-معذرة-أي موعظتنا معذرة إلى ربكم-قال ولو قال رجل لرجل معذرة إلى الله وإليك من كذا وكذا لنصب والله أعلم
704وَبِيسٍ بِيَاءٍ (أَ)مَّ وَالْهَمْزُ (كَـ)ـهْفُهُ وَمِثْلَ رَئِيس غَيْرُ هذَيْنِ عَوَّلاَأراد (بعذاب بئيس) ، ومعنى أم قصد فقرأه نافع بتسهيل قراءة ابن عامر وقراءة ابن عامر بهمزة ساكنة محققة من بئس كحدر كما يقال كبد في كبد وقراءة غيرهما على وزن فعيل ظاهرة والكل صفة عذاب ومعناه الشدة من قولهم بؤس الرجل يبؤس بأسا إذا كان شديد البأس فعذاب بئيس مثل عذاب شديد ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر من البأساء يقال بئس يبأس بؤسا وبئسا وبأسا وقال أبو علي في قراءة نافع بيس فجعل بئس الذي هو فعل اسما فوصف به مثل إن الله ينهى عن قيل وقال ، وقوله عول ليس برمز لأنه صرح بالقاريء في قوله غير هذين وعولا خبر غير هذين أي عول عليه أي على مثل رئيس فقرأ به والله أعلم
705وَبَيْئَسٍ اسْكِنْ بَيْنَ فَتْحَيْنِ (صَـ)ـادِقاً بِخُلْفٍ وَخَفِّفْ يُمْسِكُونَ (صَـ)ـفَا وِلاَألفى همزة اسكن على تنوين بئيس فانفتح وحذفت الهمزة أي أسكن الياء بين فتح الباء وفتح الهمزة ولو قال وبيس الياء بين فتحتين كأن الأولى لئلا يقرأ بهمزة ساكنة بين الباء والياء على وزن فعيل وكان يستفاد سكون الياء من لفظه بالحرف أي قرأه أبو بكر على وزن فيعل وهو صفة أيضا كضيغم والوجه الآخر لأبي بكر مثل الجماعة فهم ذلك من قوله غير هذين وأمسك ومسك لغتان وصفا بالتنوين أي قويا وولاء متابعة وهو تمييز من معناه أي قويا متابعته أو حال بعد حال أي ذا متابعة ويجوز أن يكون صفا بلا تنوين فعلا ماضيا وفي ولا الوجهان ويجوز أن يكون صفا بلا تنوين مضافا إلى ولا أي قوي متابعته ويجوز أن يكون مقصورا من الممدود والله أعلم
706وَيَقْصُرُ ذُرِّيَّاتِ مَعْ فَتْحِ تَائِهِ وَفِي الطُّورِ فِي الثَّانِي (ظَـ)ـهِيرٌ تَحَمَّلاَيريد (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) ، قصره الكوفيون وابن كثير أي حذفوا ألفه فصار مفردا بعد أن كان جمعا فلزم فتح الياء لأنه مفعول به وإنما كانت مكسورة في قراءة الباقين بالجمع لأن الكسر هو علامة النصب في جمع المؤنث السالم وقال فتح تائه ولم يقل نصب لما سبق تقريره في رسالته في سورة المائدة والثاني في الطور هو (ألحقنا بهم ذرياتهم) ، الخلاف في الموضعين واحد وكلتا القراءتين ظاهرة ثم قال
707وَيَاسِينَ (دُ)مْ (غُـ)ـصْناً وَيُكْسَرُ رَفْعُ أَوَّلِ الطُّورِ لِلْبَصْرِي وَبِالْمَدِّ (كَـ)ـمْ (حَـ)ـلاَزاد معهم أبو عمرو في إفراد الذي في يس وهو (أنا حملنا ذريتهم) ، ومعنى دم غصنا أي مشبها غصنا في الانتفاع بظله وثمره وكنى بذلك عن تعليم العلم وأول الطور هو (واتبعتهم ذريتهم) ، قصره أيضا ابن كثير والكوفيون كما فعلوا بالثاني لكن تاء الأول مرفوعة لأنه فاعل وأبو عمرو وابن عامر جمعاهما وهو معنى قوله وبالمد كم حلا فتاء الثاني مكسورة لهما لأنه مفعول وتاء الأول مضمومة لابن عامر لأنه فاعل ومكسورة لأبي عمرو لأنه مفعول لأنه يقرأ (وأتبعناهم ذرياتهم) ، مع ما يأتي في سورة ، فإن قلت لم قال وبكسر ولم يقل وبخفض وهي حركة إعراب ، قلت لأنه نصب علامته الكسرة ، فإن قلت هلا قال وبنصب ، قلت لما كان المألوف من علامة النصب إنما هو الفتحة خاف على من لا يعرف النحو أن يفتح التاء في جمع المؤنث السالم فعدل إلى التعبير بعلامة النصب هنا وهي الكسرة لهذا المعنى وهو حسن
708يَقُولُوا مَعاً غَيْبٌ (حَـ)ـمِيدٌ وَحُيْثُ يُلْحِدُونَ بِفَتْحِ الضمِّ وَالْكَسْرِ (فُـ)ـصِّلاَيريد (شهدنا أن تقولوا) ، -وبعده-أو يقولوا-الغيب حميد لأنه قبله ما يرجع إليه والخطاب على الالتفات ولحد وألحد لغتان وهو في ثلاث سور هنا (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) ، وفي النحل (لسان الذي يلحدون إليه) ، وفي فصلت (إن الذين يلحدون في آياتنا) ، ثم ذكر أن الكسائي وافق حمزة في حرف النحل فقال
709وَفِي النَّحْلِ وَالاَهُ الْكِسَائِي وَجَزْمُهُمْ يَذَرْهُمْ (شَـ)ـفَا وَالْيَاءُ (غُـ)ـصْنٌ تَهَدَّلاَوالاه أي تابع حمزة والجزم والرفع في (يذرهم في طغيانهم) ، تقدم مثله في البقرة (ويكفر عنكم من سيئاتكم) ، والياء لله والنون للعظمة ويقال تهدل الغصن أي استرخى لكثرة ثمرته فقراءة حمزة والكسائي بالياء والجزم و قراءة عاصم وأبي عمرو بالياء والرفع والباقون بالنون والرفع
710وَحَرِّكْ وَضُمَّ الْكَسْرَ وَامْدُدْهُ هَامِزاً وَلاَ نُونَ شِرْكاً (عَـ)ـنْ (شَـ)ـذَا (نَفَرٍ) مَلاَشركا مفعول وحرك ولا نون يعني لا تنوين فيه وضم الكسر يعني في الشين والتحريك عبارة عن فتح الراء فيصير شركاء جمع شريك على وزن كرماء وشركا على تقدير ذا شرك ويجوز أن يكون سمى الشريك شركاء على المبالغة وقوله عن شذا متعلق بمحذوف أي آخذا ذلك والشذا يجوز أن يكون بمعنى بقية النفس أي خذه عن بقية نفر ملا أي ثقاة ويجوز أن يكون عبارة عن الطيب وكنى به عن العلم أي آخذا ذلك عن علم نفر هذه صفتهم وعبر عن العلم بالشذا لأن العلم طيب العلماء والله أعلم
711وَلاَ يَتْبَعُوكُمْ خَفَّ مَعْ فَتْحِ بَائِهِ وَيَتْبَعُهُمْ فِي الظُّلَّةِ (ا)حْتَلَّ وَاعْتَلاَيريد (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم) ، التخفيف من تبع مثل علم والتشديد من اتبع مثل اتسق والظلة هي سورة الشعراء في آخرها (والشعراء يتبعهم) ، التخفيف في الموضعين لنافع وحده وكذلك ويتبعهم في الظلة وقوله احتل أي حمل ذلك في هاتين الكلمتين وهو تخفيف التاء بإسكانها وفتح الباء واعتلا ارتفع والله أعلم
712وَقُلْ طَائِفٌ طَيْفٌ (رِ)ضىً (حَقُّـ)ـهُ وَيَا يَمُدُّونَ فَاضْمُمْ وَاكْسِرِ الضَّمَّ (أَ)عْدَلاَقل هنا بمعنى اقرأ أي اقرأ هذه الكلمة التي هي طائف اقرأها طيف للكسائي وأبي عمرو وابن كثير يريد قوله تعالى (إذا مسهم طائف) ، قال أبو عبيدة-طيف من الشيطان-أي يلم به لما قالوا أبو زيد طاف الخيال يطيف طيفا-وطاف الرجل يطوف طوفا إذا أقبل وأدبر فمن قرأ-طايف-كان اسم فاعل من أحد هذين ومن قرأ-طيف- فهو مصدر أو تخفيف طيف كميت ويكون طيف بمعنى طايف يحتمل الوجهين وقال أبو علي الطيف مصدر فكان المعنى إذا مسهم وخطر لهم خطرة من الشيطان تذكروا قال ويكون طايف بمعناه مثل العاقبة والعافية ويجوز ذلك مما جاء المصدر فيه على فاعل وفاعلة والطيف أكثر لأن المصدر على هذا الوزن أكثر منه على وزن فاعل فالطيف كالخطرة و الطائف كالخاطر وقوله رضى حقه أي حقه رضى أي مرضي وأما (وإخوانهم يمدونهم في الغي) ، فقراءة الجماعة من مد مثل شد لأنه هو المستعمل في المكروه نحو (ويمدهم في طغيانهم)-(ونمد له من العذاب مدا) ، وقراءة نافع وحده من أمد مثل أعد وهو أكثر ما يستعمل في المحبوب نحو (وأمددناهم بفاكهة)-(أتمدونني بمال)-(ويمددكم بأموال وبنين)-(إني ممدكم بألف من الملائكة)-(أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) ، قال أبو علي فوجهه ههنا أنه بمنزلة قوله تعالى (فبشرهم بعذاب أليم) وقوله (فسنيسره للعسرى) ، وقيل مد وأمد لغتان يقال مد النهر وأمده بحر آخر وأمددت الجيش بمد إذا أعنتهم ومددتهم صرت لهم مددا وقال سيل أبي مده أنى وأعدلا حال أي عادلا في بيان وجه ذلك
713وَرَبِّي مَعِي بَعْدِي وَإِنِّي كِلاَهُمَا عَذَابِي آيَاتِي مُضَافَاتُهَا الْعُلاَفيها سبع ياءات إضافة (ربي الفواحش) ، أسكنها حمزة وحده (معي بني إسرائيل) ، فتحها حفص وحده (من بعدي أعجلتم) ، فتحها الحرميان وأبو عمرو (إني أخاف عليكم) ، في قصة نوح كذلك فتحها أبو عمرو والحرميان (إني اصطفيتك) ، فتحها أبو عمرو وابن كثير فهذا معنى قوله كلاهما أي إني وإني كلاهما أي جاء لفظ إني في موضعين وهذا كما سبق في معنى قوله معا ، (قال عذابي أصيب) ، فتحها نافع وحده (سأصرف عن آياتي الذين) ، أسكنها ابن عامر وحمزة ويقع في بعض النسخ-عذابي-وآياتي-بإسكان ياء-عذابي-وإثبات واو العطف في-وآياتي-وفي بعضها بفتح الياء وحذف الواو وفيها زائدة واحدة في آخرها (ثم كيدون فلا) ، أثبتها أبو عمرو في الوصل وعن هشام خلاف في الوصل والوقف وقلت في ذلك ، (مضافاتها سبع وفيها زيادة تحلت أخيرا ثم كيدون مع فلا) ، أي هي (كيدون فلا تنظرون)